محمد أمين زكي (1880 - 1948) مؤرخ كُردي من العراق /جنوب كردستان/ من مواليد مدينة السليمانية يعتبر أول مؤرخ في العصر الحديث حاول وبصورة علمية ...
محمد أمين زكي (1880 - 1948) مؤرخ كُردي من العراق /جنوب كردستان/ من مواليد مدينة السليمانية يعتبر أول مؤرخ في العصر الحديث حاول وبصورة علمية دراسة الجذور التاريخية للشعب الكُردي. قام في 15 مارس 1931 بطبع كتابه المشهور «خلاصة تاريخ الكرد وكردستان» والذي يعتبر من قبل الكثير من الباحثين ثاني أهم مرجع في تاريخ الكُرد بعد كتاب الشرفنامة للمؤرخ شرف الدين البدليسي الذي يعتبر أول كتاب عن تاريخ الإمارات الكردية.
محمد امين زكي اسم معروف في مسيرة الثقافة الكردية بل عنوان في حد ذاته يثير ذكره في نفوس المثقفين الكثير من المعاني والرموز ويعني هذا الاسم ضمن مايعنيه البذل والجود بكل الطاقات والامكانيات فهو قبل كل شيء رائد من رواد التاريخ والادب والثقافة الكردية المعاصرة وهو بلا تفخيم لدوره (عميد تاريخ الكرد).وهو ايضا في طليعة المتنورين الداعين الى خدمة تراث وثقافة ولغة شعبه وهو اشبه بعمود من اعمدة الهياكل العظيمة التي تسند السقوف والجدران لانه ظل طوال حياته مساندا ومؤازرا لكل الاعمال والمشاريع والجمعيات والنوادي والصحف التي كانت تهدف الى خدمة مصالح ووجود شعبه وخدمة وتطوير لغته وثقافته ورجل سياسي بارز.. كان يرى في السياسة وسيلة لخدمة شعبه وليست طريقا للكسب والمغانم.. كما كان سائدا في زمانه وعندما نقرأ سيرته تتضح لنا هذه الحقائق ساطعة جلية.
وعلى سبيل المثال عندما نتصفح وثائق اولى الجمعيات والنوادي الهادفة الى رقي وخدمة الكرد وتطوير ثقافاتهم ونعني بها (يانه ي سه ركه وتنى كوردان- نادي الارتقاء الكردي) والتي تاسست بجهود نخبة طيبة من رجالات السياسة والثقافة الكردية وفي طليعتهم الشخصية الكردية المرحوم معروف جياووك والفقيد (محمد امين زكي).
تلك الجمعية التي اجيزت في 20/5/1930 وظلت تعمل حتى اوائل الستينيات وعندما نقرا الاثر الاول لهذه الجمعية والمعنونة (باربو او يادكارى يانه ى سه ركوتن- ذكرى نادي الارتقاء الكردي) العدد الاول والتي طبعت في بغداد (1943-1944) بمطبعة (النجاح) نرى ان صورة الفقيد تزين الصفحة الاولى لهذا المطبوع التاريخي وقد كتب تحتها “سرداري بةشرفي يانه ى سةركوتي بيشواي ادبا وزانايان ومؤرخي كرد وكردستان. عيني اعيان معالي محمد امين زكي بك” وترجمتها: (الرئيس الفخري لنادي الارتقاء وعميد الادباء والعلماء ومؤرخ الكرد وكردستان وعين الاعيان معالي محمد امين زكي) والمطبوع المذكور يتضمن صفحات عن تاريخ النادي المذكور وعندما نقرا سيرة الفقيد قراءة استذكار واعتبار لانرى في هذه الاقوال والالقاب مبالغة وخاصة في ايامه اذ ان الخدمات الجليلة التي اسداها الفقيد لتاريخ امته ستظل تشهد له بالريادة والاقتدار اضافة الى خصاله الشخصية الفريدة وطاقاته الخلاقة المبدعة في ميادين الادب والثقافة والتاريخ والتاريخ العسكري وفي السياسة بما فيها الوزارة والبرلمان ومجمل نشاطاته السياسية وفي مجال (الفن) اذا كان رساما مبدعا ومازالت اسرته تحتفظ ببعض لوحاته وفي كل المجالات التي عمل فيها وخاض غمارها فماذا بوسعنا ان نقدمه لذكرى مرور 60 عاما على رحيله وذلك في التاسع من شهر تموز اذا انتقل الى رحمة الله في 9/7/1948 فلنتصفح في البداية سجل حياته ففيه جواب لكثير من الاسئلة ولنستلهم العبر من سيرته الحميدة.
كان الدافع الرئيسي لمحمد أمين زكي في البدأ بهذا المشروع الضخم وحسب مقدمة كتابه هو انعدام المعلومات الأكاديمية عن جذور الكرد حيث وعلى لسانه ان شعوره بالأنتماء القومي ازداد بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية ولكنه لم يكن يعرف شيئاً عن تاريخ القوم الذي ينتسب إليه وبعد استفساره عن جذور الكرد من رؤساء العشائر الكردية وعلماء الدين الكُرد قرر البدأ بحملته إذ ان الجوابين الذين حصل عليهما لم يكن مقنعاً حيث كانت الروايتان وعلى لسانه في مقدمة الكتاب «أوصل أحدهما أصل الكرد ومنشأهم ـ برواية مضطربة وسند ضعيف ـ إلى» كرد بن عمرو القحطاني«، وجعل الآخر أصل الكرد منحدراً من سلالة جني من الجان يُدعى (جاساد)».
قام زكي بالبحث في مكتبات إسطنبول وألمانيا وفرنسا وزار العديد من المتاحف أثناء حملته الفردية الشاقة للبحث عن تاريخ الكرد وإستند بالأضافة إلى تلك المخطوطات إلى دراسة من روسيا للمستشرق فلاديمير مينورسكي عن الكرد بالأضافة إلى معلومات من سيدني سميث مدير دار الآثار العراقية آنذاك.
بعد سنوات من الدراسة توصل المؤرخ إلى نظريته الخاصة في منشأ الكرد وهي ان الشعب الكردي يتألف من طبقتين من الشعوب، الطبقة الأولى التي كانت تقطن كردستان منذ فجر التاريخ "ويسميها محمد أمين زكي" شعوب جبال زاكروس" وهي وحسب رأي المؤرخ المذكور شعوب "لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري" وهي الأصل القديم جدا للشعب الكردي والطبقة الثانية: هي طبقة الشعوب الهندو- أوربية التي هاجرت إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كردستان مع شعوبها الأصلية وهم " الميديين والكاردوخيين"، وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلا معا الأمة الكردية.
حياته في سطور وطفولته وشبابه...
اسمه محمد امين وابوه الحاج عبد الرحمن بن محمود كان من تجار التبوغ اطلق عليه لقب زكي على عادة اهل زمانه ولظهور علائم الذكاء والنبوغ عليه منذ اعوام حياته المبكرة.
ولد في السليمانية سنة 1880 في محلة (كويزه) شرقي السليمانية تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة (الملا عزيز) اي دراسة كتاتيب وفي سنة 1892 انتقل الى المدرسة الابتدائية الرسمية الوحيدة ودرس فيها سنة كاملة ثم انتقل بعدها الى الصف الثاني من مدرسة الرشيدية العسكرية التي فتحت ابوابها سنة 1893. وفي سنة 1896م انتقل الى الاعدادية العسكرية في بغداد وبقى فيها ثلاث سنين.
في استنبول
وبعد ثلاث سنوات تخرج منها وانتقل الى (استنبول) او (الاستانة) ودخل المدرسة الحربية فيها ثم دخل بعدها مدرسة (الاركان) حيث تخرج منها برتبة (رئيس ممتاز) وفي سنة 1902م عين في الجيش السادس ببغداد. وفي سنة 1903م انتسب الى ادارة الاملاك السنية بوظيفة مهندس وبقى فيها حتى اعلان الدستور وبناء على طلبه نقل الى الجيش الثاني في (ادرنة) وعند وصوله الى استنبول انتخب عضوا في لجنة الخرائط التي كان يرأسها امير اللواء (شوقي باشا) وباشر مع اللجنة بتخطيط خارطة (استانبول) واطرافها في سنة 1907. وفي السنة التي تلتها عين مع اللجنة تحديد الحدود بين (تركيا – بلغاريا) بصفة ضابط طوبوغرافي. وبعد سنتين اصبح عضوا في لجنة خاصة لمدة سنة في تحديد الحدود بين (تركيا وروسيا) في القفقاس وبعد نشوب حرب (البلقان) طلب نقله الى جبهة الحرب وتلبية لطلبه عين في اركان الحرب في الفرقة الخامسة في جبهة (جتالجة) في سنة 1912م.
رحلته الى اوربا
وفي سنة 1913م ارسل مع هيئة من الضباط الى (فرنسا) لدرس بعض المسائل العسكرية وبقى فيها سنة واحدة. زار خلالها كثيرا من المدن الفرنسية. وبعد رجوعه الى استانبول عين في شعبة اللوازم الفنية العمومية ولم تنقض على تعيينه بهذه الوظيفة مدة قليلة حتى نقل الى الشعبة الاولى لاركان الحرب. وفي سنة 1914 عين للمرة الثانية في لجنة تثبيت الحدود بين (تركيا وروسيا) وبعد اتمام مهمته ذهب الى مدينة (تفليس) وبعد بضعة ايام اعلنت الحرب بين الحكومتين العثمانية والروسية .
وبانقضاء شهر ونصف تمكن من العودة الى (الاستانة) عن طريق (السويد) ولم تمض مدة حتى عين لوظيفة اركان حرب في الفيلق الاول واشتغل في الوظيفة مدة اشترك في دورة الطيران في (اياستفانوس) لمدة ثلاثة اشهر بناء على طلب المارشال (فوندرغولتس) وفي السنة الثانية من الحرب العالمية الاولى (سنة 1915م) رقي الى رتبة (مقدم) ونقل الى اركان حربية الجيش في العراق.
في العراق وفلسطين
في اليوم الثاني من تشرين الثاني من السنة نفسها وصل الى مقر الجيش في (سلمان باك) وفي نفس الشهر دخل الى صنف الاركان بامر من رئاسة الاركان العامة. وشغل وظيفة مدير الحركات في هذا الجيش الى ان تشكل الجيش السادس في العراق.
وقد اشترك في معارك (سلمان باك) و(ده لانجه) و(شيخ سعد) و(كلال) في الحروب التي جرت في اطراف (كوت العمارة) ومحاصرتها. وعند تشكيل الجيش السادس بقيادة (خليل باشا) عين مديرا لشعبه الاستخبارات. وبعد احتلال بغداد في 11/اذار/1917م. رجع مع قيادة الجيش الى الموصل. وبعد مدة ذهب بالانجاز الى (الاستانة) وعين في (ا تموز1917) معاونا لرئيس اركان الحرب في الجيش السابع بقيادة (مصطفى كمال باشا) فذهب مع الجيش الى (حلب) وحين تسلم (فوزي باشا جقماق) قيادة الجيش السابع تحرك الى جبهة (فلسطين) ووصل الى (خليل الرحمن) في 28 تشرين اول 1917 واشترك في المعارك التي جرت في جبهات (خليل الرحمن) و(القدس) و(نابلس) وبقي في هذه الجبهة حتى ايلول 1918م. حيث نقل الى الجيش الثالث الكائن في قفقاسيا. والتحق به في الاستانة في 20 تشرين الاول، وفي نهاية السنة المذكورة نقل الى شعبه (تاريخ حرب) وبقي في هذه الشعبة حتى عودته الى العراق.
عودته الاخيرة الى العراق
بعد سقوط الدولة العثمانية عاد الى موطنه العراق وتذكر معظم المصادر انه رجع الى العراق في 24 تموز 1924- لكن كريمته الاستاذة (سانحة امين زكي) ذكرت في لقاء مع الدكتور كمال مظهر احمد انه عاد في منتصف عام 1923 وبعد اجتيازه الامتحان ونجاحه فيه دخل الجيش العراقي وفي نهاية 1924م عين امرا للمدرسة العسكرية ودار التدريب برتبة (عقيد).
في الوزارات العراقية
وفي 24 تشرين الثاني سنة 1925 اصبح وزيرا للاشغال والمواصلات واستمر في هذا المنصب في وزارة (عبد المحسن بك السعدون) وجعفر باشا العسكري حتى منتصف سنة 1927. وفي 6 اب من هذه السنة اصبح وزيرا للمعارف حتى 18 كانون الثاني 1928. وبعد خمسة اشهر انتخب نائبا عن السليمانية. وفي ( 28 نيسان 1929) اصبح وزيرا للدفاع وفي 19/ايلول/من السنة نفسها عين وزيرا للاشغال والمواصلات، وفي 11 تشرين الثاني استقالت الوزارة، وبعد اربعة ايام عين للمرة الرابعة وزيرا في الوزارة نفسها. حيث انفصل منها بتاريخ 22 اذار1930.
الى ان عين في (2 تموز 1931) وزيرا للاقتصاد والمواصلات في وزارة نوري السعيد الاولى، والثانية في 2 تشرين الثاني 1932. وفي (25 اذار 1923) عين مديرا لوزارة الاقتصاد والمواصلات وفي 12 ايلول من هذه السنة عين مديرا عاما للري لمدة قصيرة.
كما عين وزيرا في الوزارة المدفعية الثالثة كما شغل كرسي المواصلات والاشغال في الوزارة الهاشمية الثالثة. فتقلد عشرة مناصب وزارية وثلاثة مديريات عامة. وفي 10 شباط 1941 استقال من الوزارة بسبب ابتلائه بمرض (روماتزم).
في البرلمان العراقي
انتخب نائبا عن لواء السليمانية في سنة 1925 لاول مرة بعد ان خرج من الجيش وفي اب من نفس السنة اعيد الى الجيش برتبة عقيد، كما انتخب نائبا عن السليمانية سنة 1928 وانتخب مرة اخرى نائبا عن السليمانية في 22 كانون الاول 1937. وعن دوره في البرلمان يذكر (السيد احمد زكي الخياط) في اربعينيته ان الفقيد كان يتحلى بخير الصفات كالصبر والجلد والوطنية وعلو الهمه بالرغم من كبر سنه وهذه صفات الرجولة الحقته وان انسى لن انس تلك الهمة القعساء التي كان يبذلها لحضور جلسات البرلمان الخطيرة عينا كان او وزيرا وهو يكافح في جسمه المرض ووطاة الشيخوخة وثقل الاعوام والسنين. ومن وحي المعارك الانتخابية الكردية الف كتابين باللغة الكردية هما:
1 - محاسبه ى نيابه ت – “المحاسبة النيابية” - حول فعالياته داخل المجلس النيابي غير مترجم الى العربية.
2 - دووته قه لاى بي سود - 1935 “محاولتان بلا جدوى” حول ماقدمه من مقترحات لحل المشكلة الكردية الى الحكومة.
امين زكي اديبا
لقد كان الفقيد اديبا قديرا تشهد له كتاباته باللغات المختلفة التي كان يجيدها حيث كان يجيد الى جانب لغته القومية كما يذكر المرحوم (رفيق حلمي) كان يتقن التركية والعربية والفارسية وله موهبة والمام في الفرنسية والانكليزية. كما كان يجيد اللغة الروسية تكلما وكان محيطا باسرار بلاغة اللغات التي يتقنها، وكما كتبت مجلة (نزار) عن هذا الجانب من حياته بقولها: نتمكن من القول انه لولا تفرغ الراحل للتاريخ والتاريخ الكردي على الاخص لكان في مقدمة الادباء لما اتصف به من لطف العاطفة ورقة التعبير وسمو الخيال، ففي المناسبات التي عمد فيها الى الشعر برز فيه وانتضمت معانيه ومن ذلك الابيات التي نظمها جوابا للشاعرين (قانع) والشيخ (سلام) التي نشرت على صفحات مجلة (كلاويش) الكردية وبعض القصائد التي نظمها في (استانبول) يحن فيها الى الوطن ويتحسر عليه. وقد اعتبره المرحوم (رفيق حلمي) من الشعراء وكتب عنه في الجزء الاول من كتابه عن الشعر والادب الكرديين حيث يقول: ان هذا العالم الكردي والمؤرخ الكبير برز في ميدان الشعر واخذ يعدو بفرسه في مضماره مثلما برز في الميادين العسكرية والسياسية والعلوم وذاع صيته لاتقانه عدة لغات فانه خبير بلغته الكردية وملم بفصولها ودقائق اسرار بلاغتها كما يقول: ان لامين زكي قابلية فطرية في ميدان الشعر لانه يتقن لغته بصورة جيدة جدا ولو انه لم يكرس وقته لتاريخ (الكرد وكردستان) ولو شاء لغدا شاعرا بارزا ولاضاف الى خزائن الاداب الكردية اثارا زاهية ورائعة.
دوره في دعم الصحافة الكردية
كما ذكرنا منذ البداية فان الفقيد كان وراء كل الانجازات الثقافية التي تحققت في حياته وليس ثمة من يجهل الدور البارز لمجلة (كلاويز) التي بزغت في سماء الصحافة الكردية وساهمت اكثر من اية مجلة كردية اخرى في حياتنا الثقافية العامة، وتميزت مجلة (كلاويز) بجدية المواضيع التي كانت تعالجها او تنشرها. وقد التف حولها نخبة ممتازة من كبار كتابنا وشعرائنا انذاك حتى انها جلبت انظار المعنيين بالدراسات الكردية والمستشرقين, فاعتبرها مثلا (لورانس) احسن مجلة ادبية في الشرق الاوسط في حينه. وساهمت بشكل فعال في بلورة اللغة الادبية الكردية الموحدة. نظرا لجدية معالجاتها ولكونها اطول المجلات الكردية عمرا في حينها (1939- 1949) وكما اوضح الاستاذ المرحوم (علاء الدين السجادي) رئيس تحريرها ومدير ادارتها في لقاء صحفي معه. اذ قال جوابا على سؤال حول كيفية اصدار هذه المجلة بقوله: كانت الفئة الكردية متعطشة لاصدار مجلة ادبية بلغتها القومية تقوم بخدمة الثقافة والادب الكرديين, وقد اختمرت هذه الفكرة اكثر في نهاية الثلاثينيات وبعد التداول مع الاستاذة المرحوم (محمد امين زكي) والمرحوم (توفيق وهبي) وبابا علي الشيخ محمود وعلي كمال والمرحوم رشيد نجيب وحامد فرج والمرحوم عبدلله كوران وغيرهم.
وهكذا يذكر المرحوم السجادي - الاستاذ (امين زكي) في طليعة العاملين من اجل اصدار مجلة (كلاويز) وعلى رأس القائمة وان الفقيد نفسه كان يعتبر مجلة (كلاويز) كفلذة كبده وعندما نتصفح اعداد مجلة (كلاويز) الصادرة في حياته نرى انه من الكتاب النشطين المساهمين في تحريرها ففي العدد الاول من مجلة (كلاويز) الصادرة في كانون الاول 1939- نجد له موضوعين منشورين على صفحاتها الاولى بعنوان زماني كردي وادبي - اللغة الكردية وادبها نشرت على الصفحات (3-8) يتحدث فيها اصالة اللغة الكردية ويذكر كبار الشعراء الكرد في مختلف العصور الادبية. وفي نفس العدد وعلى الصفحات (34- 41) وفي زاوية مشاهير الكرد. نقرأ له موضوعا عن (صلاح الدين الايوبي) كما نجد له على صفحات العدد الرابع من المجلة ذاتها والصادرة في اذار 1940, السنة الاولى موضوعين الاول عن (احمد بن ضحاك) بعنوان بطل كردي مجهول ( ص 6 – 10) وفي زاوية مشاهير الكرد تقرأ بقلمه موضوعا عن (امير خان برادوست) (ص 33 – 42).
سيظل التاريخ الكردي يذكر الدور الريادي للفقيد في هذا الميدان وكل الذين كتبوا عن الفقيد ذكروا اسمه مسبوقا بلقب (المؤرخ) هذا اللقب الذي طغى على كل مزاياه وسجاياه الرائعة الاخرى باعتباره اديبا وشاعرا وفنانا (رساما وخطاطا) بارزا. اما متى راودته فكرة كتابة التاريخ شعبه ذلك مايذكره نفسه في مقدمة كتابه (خلاصة تاريخ الكرد وكردستان منذ اقدم العصور حتى الان) بقوله: “لما زالت كلمة العثماني العامة من الوجود في تركيا، وحلت محلها كلمة التركي شعرت انا ايضا بطبيعة الحال كسائر اجزاء العناصر العثمانية غير التركية شعورا قوما بقوميتي المستقلة عن الترك، فحملني ذلك على اظهار الشعور القومي الفياض والاحساس بالعاطفة الوطنية القوية، فكان باكورة عمله في تاريخ شعبه (خلاصة تاريخ الكرد وكردستان) وقد صدرت الطبعة الكردية الاصلية من الكتاب المذكور سنة 1931م. ونقله الى العربية وعلق عليه الاستاذ المرحوم (محمد علي عوني) سنة1936. وطبعه بمصر سنة 1939. ويعتبر هذا الاثر اول كتاب في تاريخ الكرد بعد كتاب (شرفنامة) لشرف خان البدليسي. وكما كتب الاستاذ محمد علي عوني مترجم الكتاب الى العربية: فان المكتبة العربية تعاني من نقص كبير من ناحية التدوين في تواريخ الشعوب الاسلامية ولاسيما الشعب الكردي.
ومع ما له من الخدمات الجلى في اعلاء شان الاسلام وقال ايضا: وهو في حق كتاب قيم، فريد في بابه، صحيح في اسانيده، غني بمصادره، لايستغني عنه الكاتب الاجتماعي والرجل السياسي والعالم المحقق. ومن المهتمين المعاصرين قيمة الاستاذ الدكتور(كمال مظهر احمد) قائلا: التاريخ كعلم جلب انتباه (امين زكي) منذ وقت مبكر جدا ففي البداية كانت معظم المؤلفات التي يطالعها عن التاريخ. اذ كان عاشقا للتاريخ قديمه وحديثه وتاريخ الشرق والغرب مثلما كان يهوى التاريخ السياسي والعسكري ويوما بعد اخر كانت ينابيع القراة والبحث تتفجر في اعماقه بالاضافة الى هذا الكتاب له اثار قيمة اخرى في تاريخ شعبه واهمها:
1. تاريخ الدول والامارات الكردية – ويعتبر الجزء الثاني من تاريخ الكرد وكردستان النسخة الكردية في بغداد سنة 1937 وترجمه وطبعه في مصر الاستاذ (محمد علي عوني) المترجم في البلاط الملكي المصري عهد ذاك وطبعه سنة 1948 .
2. (مشاهير الكرد) الفه باللغة الكردية في مجلدين نقلت الاجزء الاول منه كريمته السيدة (سانحة) وطبع الجزء الاول في بغداد سنة1945 والجزء الثاني- ترجمه بتصرف واضافات الاستاذ (محمد علي عوني) وطبعه سنة1947.
3. تاريخ لواء السليمانية وانحائها – طبع في بغداد باللغة الكردية سنة 1937 وترجمه الى العربية الاستاذ الملا جميل الروزبياني وطبعه في بغداد سنة1951.
ومماجعلت مؤلفاته ذات وزن عند الباحثين صبر الفقيد وغزارة علمه.
وحبه لشعبه ذلك الحب الذي ملا نفسه بالنور الذي استطاع بفضله ان يزيح ظلمات القرون وان ينقض غبار الزمن عن تاريخ شعبه العريق- حيث كان الفقيد يتردد على كبريات المكتبات في اسطنبول وقد سجل خلال سنتين مجموعة الملاحظات والانطباعات وذلك منذ سنة 1910 .والتي خرج بها من قرارته لمئات المصادر .وعندما زار اوربا اخذ بالبحث والتحري في مكتبات المانيا وفرنسا واستطاع ان يحصل على مجموعة معلومات مفيدة كما حمل معه عند عودته عددا من المستشرقين .وهكذا استطاع الاستاذ (امين زكي) ان يضع الحجر الاساس لكتابه تاريخ الكرد.ولكن احداث الحرب العالمية الاولى والمهمات الكثيرة التي اضطلع بها خلالها. ارغمته على تاخير مشروعه التاريخي ومع انتهاء الحرب فان (امين زكي) عاد وبلهفة اكبر لعمله ولم يمض وقت طويل حتى اعد حوالي (200 ) صفحة عن تاريخ الكرد للطبع.ولكن الظروف عاكسته.فان الحريق الكبير الذي اندلع في الحي الذي كان يقطنه في (استنبول) سنة1919 فالتهمت النيران كل ماجمعه ودونه عن تاريخ شعبه وأصبحت مدوناته طعما للنيران.وهكذا ضاعت جهود سنين من عمره وخسرنا نحن تاريخ قرن كامل.وقد اثرت فيه الحادثة لدرجة لم يتمالك نفسه بسببها حتى سنة 1929 وان هذا الاصرار وهذه المثابرة من لدن الفقيد جعلت مصادره ومعتمده وتحليلاته موثوقة وكما قال السيد (حسين الرشواني) في اربعينيته، فان المؤرخين يعرفون مدى انتشار الضوء ابحاثه اللامعة في مجاهل التاريخ ويعترفون بفضله في كشف خفاياه التي لولا بحثه الامين وتنقيبه الدقيق لبقيت محجوبة عن اعين الباحثين الى مدى بعيد، نحن نلمس علمه الغزير وذهنه الجامع وبحثه المتواصل اذا القينا نظرة فاحصة على ماقام به من جهود جبارة في تدوين تاريخ شعبه الكردي ونحن نراه يدون ابحاثا علمية دقيقة تنم عما كان يتجلى به الراحل الكريم من صبر ونشاط وعلم وفطنة وصدق واخلاص وهو غير متحيز في تنقيباته فلا يلصق بقومه من الفضائل الاما اثبتته اقلام الاجانب خدمة للعلم واظهارا للحق وفضلا عن ذلك فهو بتدوينه وجمعه هذا التاريخ العريق في القدم لشعبه الكردي قد افاد شعبه والشعوب المجاورة فوائد كثيرة ماكانت تحصل عليها لولا توليفة القيمة. ولم يقتصر الاشادة بفضله على بني قوميه فحسب بل ان المستشرق والمهتم بالدراسات الكردية الشهير (باسيل نيكتين) يقول بحقه: (ان خلاصة تاريخ الكرد وكردستان) لامين زكي يعتبر متمما لكتاب شرفنامة.
المراجع:
١- موسوعة ويكي بيديا العالمية
٢- مقال لإبراهيم باجلان / موقتع الملاحق
التعليقات