خاص/ الجيوستراتيجي تمر اليوم الذكرى السادسة والثلاثون على رحيل الفنان الكردي الكبير محمد شيخو، الذي يعتبر أحد أعمدة الموسيقى الكردية الحديث...
خاص/ الجيوستراتيجي
تمر اليوم الذكرى السادسة والثلاثون على رحيل الفنان الكردي الكبير محمد شيخو، الذي يعتبر أحد أعمدة الموسيقى الكردية الحديثة، وصوتًا خالدًا في وجدان الشعب الكردي. لم يكن مجرد مغنٍ أو عازف، بل كان رمزًا للنضال الفني، حيث حمل هموم شعبه في أغانيه، ووثق أفراحه وأحزانه بصوته الشجي وألحانه العذبة.
حياة محمد شيخو: فنان الشعب
ولد محمد شيخو عام 1948 في قرية "خجوكي" التابعة لمدينة القامشلي في كردستان سوريا. منذ صغره، كان مولعًا بالموسيقى والغناء، وتعلّم العزف على آلة البُزُق، التي أصبحت رفيقة دربه الفني. مع مرور الوقت، تأثر بالفلكلور الكردي وأعاد إحياء العديد من الأغاني التراثية، إلى جانب تقديمه لأعمال جديدة ذات طابع قومي وإنساني.
في بداية شبابه، غادر إلى كردستان العراق، حيث التقى بكبار الفنانين والمثقفين الكرد، مما أثرى تجربته الفنية. ثم انتقل إلى لبنان، حيث تأثر بالنهضة الثقافية والفنية التي كانت تشهدها بيروت آنذاك، وساهم في نشر الأغنية الكردية بين الجالية الكردية هناك. ومع ازدياد شهرته، عاد إلى القامشلي ليكون قريبًا من جمهوره وشعبه.
محمد شيخو.. صوت القضية والهوية
تميزت أغاني محمد شيخو بكونها نابعة من واقع الشعب الكردي، حيث غنى عن الحب، النضال، الفقر، الوحدة، والهوية. وكانت أغانيه تحمل رسائل قوية تعبر عن معاناة الكرد، وتدعو إلى التمسك باللغة والتراث. ومن أشهر أغانيه:
"Evîna Kurd" (حب الكرد)
"Ay Le Gule" (آي لِ غولي)
"Dîsa Jiyan" (الحياة من جديد)
لم يكن مجرد مؤدٍّ للأغاني، بل كان مؤلفًا وملحنًا، وأبدع في خلق أنغام تمس القلب قبل الأذن، مستخدمًا آلات موسيقية بسيطة، لكنها كانت كافية لإيصال رسالته العميقة.
تأثيره على الشارع الكردي
استطاع محمد شيخو أن يكون صوتًا مؤثرًا في الشارع الكردي، حيث حملت كلماته معاني الثورة والصمود، مما جعل أغانيه جزءًا من الهوية الثقافية والسياسية للكرد. ورغم مرور العقود، ما زالت أغانيه تُردد في البيوت والمناسبات الوطنية والمهرجانات الفنية.
كما تأثر به العديد من الفنانين الشباب الذين ساروا على خطاه في تقديم الأغنية الكردية بأسلوب يحافظ على روحها التراثية، مع لمسات حديثة تعكس تطور الموسيقى.
وفاته وخلوده في الذاكرة
رحل محمد شيخو في 9 مارس 1989 في ظروف غامضة، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا لا يُقدّر بثمن. وعلى الرغم من رحيله المبكر، إلا أن أثره لا يزال حاضرًا بقوة، فقد أصبح أيقونة ثقافية لكل كردي يعتز بلغته وهويته.
في كل عام، يُحيي محبوه ذكرى وفاته بإعادة إحياء أغانيه واستذكار مسيرته، تأكيدًا على أن صوته لم يمت، بل أصبح خالدًا في قلوب الملايين.
رحل الجسد، لكن الصوت باقٍ.. محمد شيخو، فنان لن يُنسى.
التعليقات