صاحب القضية.. قلب لا ينكسر

آدمن الموقع
0
 
بقلم: شيرين حاجي
من جبال كوردستان الممتدة بين الذاكرة والسماء، يولد الوجدان الكردي مثل شجرةٍ تنبت في الصخر، جذورها في الألم، وأغصانها في الحلم. هناك حيث تتقاطع الأسطورة بالواقع، يقف "صاحب القضية" لا كشخصٍ منفرد، بل كرمزٍ حيّ لروحٍ جماعيةٍ لا تموت. إنه الوعي الذي تعلّم أن الحرية ليست شعارًا، بل حالة وجود، تُعاش كما يُعاش النَّفَس، وتُدافع عنها كما تُدافع الجبال عن صمتها في وجه الريح.

في كل وادٍ من وديان كوردستان، ينبض هذا الوجدان الذي لم يعرف الانكسار. في كل حجرٍ، أثرُ يدٍ رفعت مرةً راية الأمل. في كل نهرٍ، حكاية دمٍ وماءٍ وحبٍّ يختلطان فلا يُفصل بينهما. صاحب القضية هو الوجدان الجمعي الذي رفض أن يستبدل الحلم بالرضوخ، والإيمان بالخذلان. هو الصدى الذي يتكرر في وجدان كل كرديٍ حين يسمع اسم وطنه، فيشعر أن الأرض تتنفس فيه. ليس النضال عنده معركةً بين قوى، بل رحلةٌ نحو جوهر الإنسان. فالقضية ليست ضد أحد، بل مع الحياة ذاتها، مع الكرامة، مع حقّ الوجود بلا قيدٍ ولا إذلال. لذلك يصبح النضال فعلاً من الحب، والحرية شكلاً من الجمال، والكلمة سلاحًا لا يقتل، بل يوقظ.
من جبال كوردستان يتعلم القلب معنى الصبر، ويتعلم الفكر كيف يحول الألم إلى وعي، والحنين إلى مشروع حياة. هناك، حيث تتحد العزلة بالخلود، يفهم صاحب القضية أن الطريق إلى الحرية ليس خطًا مستقيمًا، بل مسارٌ من الأسئلة الكبرى: ما معنى الوطن؟ وما معنى أن يكون الإنسان حرًّا؟

حين يتأمل هذا الوجدان العميق ذاته، لا يرى سوى صراعٍ بين الضوء والظلّ، بين ما يُقال وما يُخفى، بين ما يُفنى وما يبقى. في هذا الصراع تنبت الكلمة، كزهرةٍ من صخر، تذكّرنا أن الروح الكردية وُجدت لتصمد، لا لتُكسر. 
هو صاحب القضية: لا اسم له ولا ملامح، لأنه يسكن في كل قلبٍ آمن بأن الكرامة قدرٌ لا يُشترى. وهو الوعي الذي يجعل من الحب ثورة، ومن الحلم يقينًا، ومن الصمت صلاةً تُرفع إلى جبالٍ لا تركع.

نحن الكرد، لا نكافح فقط من أجل أرضٍ تُسمى كوردستان، بل من أجل معنى أكبر منها: من أجل الحب بوصفه جوهر الحرية، ومن أجل الوجود بوصفه وعدًا بالكرامة. والجبال تشهد على كل صمود، تشهد أن القلب الكردي، منذ الأزل، لم يعرف الانكسار… لأنه جزءٌ من جبالٍ لا تُهزم...
SH




إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!