تتشابه الأحزاب الكردية السورية كثيراً في برامجها السياسية، ورؤيتها لحل القضية الكردية وحتى في أسمائها. ويحتاج المواطن الكردي السوري العادي ا...
تتشابه الأحزاب الكردية السورية كثيراً في برامجها السياسية، ورؤيتها لحل القضية الكردية وحتى في أسمائها.
ويحتاج المواطن الكردي السوري العادي الى قاموس كردي/عربي، والاستعانة بالأصدقاء من الحزبيين القدامى ومحرك البحث غوغل طبعاً للتفريق بين حزب وآخر .
هناك حزب اسمه ( الحزب الاشتراكي الكردستاني ) وحزب آخر انشق عنه ( الحزب الاشتراكي الكردي) وحزب ثالث ( الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني) وحزب رابع ( الحزب الديمقراطي الكردستاني/سوريا).
بمراجعة بسيطة نكتشف ودون مساعدة من أحد، أن كل هذه الأحزاب انشقت عن بعضها البعض. والحزب الذي لا يتعرض للانشقاق في الشتاء ينشق في الصيف، وإذا لم ينشق في الصيف، فمع حول الربيع وقدوم عيد النوروز، حيث موسم البيانات والانشقاقات أيضاً.
ليس بالضرورة أن تكون هناك أسباب مقنعة وراء كل انشقاق، وفي أغلب الأحيان تكون أسبابه بسيطة، مثلا خلاف عائلي بين زوجة السكرتير العام وزوجة أحد اعضاء المكتب السياسي، أو زوجة نائب الأمين العام للحزب وبنت عضو اللجنة المركزية، او خلاف حول قطعة أرض بين والد الأمين العام وعضو بارز جداً في الحزب. أو خلاف بين بنت قيادي كبير في الحزب وابن السكرتير الأول بسبب علاقة حب فاشلة.
يروي أمين عام حزب كردي تعرض حزبه لخمسين عملية انشقاق، أنه كان يرأس اجتماعاً كبيراً لحزبه وبحضور قيادات كردستانية (من أجزاء كردستان الأخرى) وقبل انتهاء الاجتماع دخلت زوجة رجل مهم في الحزب (الرجل الثاني وظل لعقد كامل عضواً في اللجنة المركزية)، وقفت أمامه وقالت: "عيب عليك أمضيت عمرك في خدمة هذا الحزب وأنا أخجل من منصبك. متى ستصبح رجلا وتنشق وتصبح أميناً عاماً". ويقسم الأمين العام القديم ويتابع حديثه : "في اليوم التالي أصدر الرجل المهم بياناً اتهم فيه قيادة الحزب بإدارة ظهرها لحقوق الشعب الكردي وتبديد أموال الحزب على ملذاتها الشخصية، رغم ان المسؤول المالي الذي ذهب مع المنشقين كان قد أكد في بداية الاجتماع عن عدم وجود ليرة سورية واحدة في صندوق الحزب".
لم يغير الحزب الجديد شيئاً، بل ظل صورة طبق الأصل عن الحزب السابق، باستثناء تغيير ربطة عنقه التي كانت في السابق صفراء ومنقطة بالأحمر، أضاف اليها خطوطاً خضراء وقال سرا ً لرفاقه الذين لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة: "ترمز لعلم كردستان ".
للتخلص من هذه الانشقاقات التي أوصلت الحركة السياسية الكردية الى الحضيض ، قام عدد من المستقلين أو بالأحرى أصبحوا مستقلين بعد أن غادروا هذه الأحزاب الهزيلة، التي ستصبح فيما بعد كرتونية ومن ثم ورقية، بتأسيس لجنة لتوحيد الصف الكردي، خصوصاً بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، وتهديد الرئيس الأمريكي بقلع النظام السوري من جذوره.
سارعت بعض القيادات الكردية الى اقتناء كتاب (تعلم الانجليزية في خمسة أيام ) للمشاركة في المفاوضات مع الأمريكيين حول مستقبل سوريا بعد سقوط النظام السوري. لكن اللجنة التي كانت مهمتها وقف الانشقاقات في الحركة الكردية وإعادة تجميع هذه الأحزاب في حزب كردي سوري واحد وقوي، انشقت بدورها وتبادل الطرفان الاتهامات بالتخوين والعمالة للنظام السوري، وللأحزاب الكردية الكبيرة في اجزاء كردستان الأخرى، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وحزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله اوجلان، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة مام جلال الطالباني.
تختلف هذه الأحزاب فيما بينها حول اسم المناطق الكردية في سوريا. فحزب الاتحاد الديمقراطي القوة الحقيقية الفاعلة على الارض يسميها (روج آفا) وقسم من الأحزاب المحسوبة على التيار ( البارزاني ) يسمونها كردستان سوريا ، وهناك أحزاب صغيرة يمكن رؤيتها بالعين المجردة خلال المناسبات الاجتماعية وحفلات الزفاف، يطلقون عليها (المناطق ذات الأغلبية الكردية) أما من ناحية الحقوق الكردية، فهناك أحزاب تطالب بحق تقرير المصير في إطار وحدة البلاد. وأحزاب تطالب بالحكم الذاتي، وأحزاب تطالب بالحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية، وأحزاب لا تطالب بشيء.
منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، ووصول شرارة الثورة الى سوريا وحتى الان، لاتزال الحركة الكردية في سوريا تناقش قضايا مثل (هل هذه ثورات أم احتجاجات شعبية، أو ثورات مدفوعة الثمن وبالدولار، او انتفاضات للفقراء والمهمشين). وحتى تتمكن من تحديد طبيعة هذه (الثورة. او الانتفاضة او الاحتجاج الشعبي) لابد لها من تحديد طبيعة النظام السوري، هل هو نظام وطني؟ هل هو نظام تقدمي؟ هل هو نظام استبدادي؟ هو هو نظام فاشي عائلي؟ هل هو نظام طائفي؟ طبعاً بعد تحديد طبيعة النظام السوري ستحدد الحركة الكردية موقفها من الحدث السوري.
لماذا الاستعجال، بعد خمسين عاماً من ظهور أول حزب كردي، لا أحد يعرف ماذا تريد هذه الأحزاب التي تتشابه كثيراً في لون طقم الأمين العام، وربطة عنقه، وتتكاثر تحت شعار: حزب ساسي لكل مواطن كردي سوري.
------------
بقلم: مروان علي/ hunasotak
التعليقات