ثمانية منظمات حقوقية ومدنية تقدم مذكرة قانونية وحقوقية بشأن الاستيلاء على ممتلكات المدنيين الكورد في عفرين

آدمن الموقع
0
أصدرت منظمات حقوقية ومدنية مذكرة قانونية وحقوقية بتاريخ ٢٦ أيلول ٢٠٢٥ بشأن الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون الكورد في عفرين، وعلى رأسها الاستيلاء الممنهج على ممتلكاتهم عبر ما يسمى اللجنة الاقتصادية/لجنة رد الحقوق.
وأكدت المذكرة أن هذه الممارسات تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القوانين الدولية، محمّلة الدولة التركية والفصائل المسلحة التابعة لها المسؤولية الكاملة بصفتها قوة احتلال، ومطالبة بفتح تحقيق دولي مستقل وفرض عقوبات على المتورطين وضمان عودة المهجرين الكورد واسترداد ممتلكاتهم. 
ووقعت على المذكرة ثماني منظمات، هي: اتحاد المحامين الكورد (KLU). المرصد السوري لحقوق الإنسان. مركز ليكولين للدراسات والأبحاث القانونية – ألمانيا. منظمة حقوق الإنسان عفرين – سوريا. جمعية الشعوب المهددة بالانقراض (STP/GfbV). منظمة الجيوستراتيجي للمجتمع المدني الكوردي. جمعية المرأة الكوردية – النمساوية. المنظمة الألمانية للتنمية والسلام. 

✦ وإليكم نص المذكرة:
 
أولاً: في الوقائع
منذ سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من الدولة التركية على منطقة عفرين بتاريخ ١٨ آذار/مارس ٢٠١٨، تعرّض السكان الأصليون الكورد لانتهاكات ممنهجة طالت حقوقهم الأساسية، ولا سيما الحق في الملكية والحق في السكن.
وتتجلى أبرز هذه الانتهاكات في:
١. الاستيلاء الممنهج على الممتلكات الخاصة ومصادرة آلاف المنازل والعقارات وكذلك السيطرة على مئات آلاف أشجار الزيتون، وفرض إتاوات غير قانونية وبنسب مرتفعة للغاية تجاوزت نصف المحصول،وقُدّرت أحياناً بما يقارب (٨٠%) وفق توثيقات ميدانية.
٢. التهجير القسري واسع النطاق وتهجير عشرات آلاف المدنيين الكورد من قراهم ومدنهم وإحلال مستوطنين جدد مكانهم، في إطار سياسة تغيير ديموغرافي ممنهجة.
٣. إنشاء مكاتب اقتصادية للفصائل المسلحة،عملت كأذرع للنهب، تتحكم بالمحاصيل وتقتطع حصصاً لصالح الفصائل.
٤. تأسيس لجنة اقتصادية/لجنة رد الحقوق: لجنة لم يُنشأ مثيل لها في أي منطقة أخرى في سوريا، بل اقتصرت على المناطق الكوردية المحتلة (عفرين، سري كانيه، گري سبي).
أصدرت اللجنة تعاميم رسمية مرقمة،مثل(٥/ت – ٦ – ٧ لعام ٢٠٢٥)، تضمنت:
فرض شروط معقدة على الفلاحين لإثبات الملكية أو حصاد الزيتون.
إلزام الأهالي بالحصول على "مهمات رسمية" لعبور الحواجز.
مصادرة المحاصيل بحجة "رد الحقوق" وإحالة النزاعات إلى محامين مكلّفين من اللجنة بدل القضاء الطبيعي.
هذه التعاميم ذات طابع شبه قضائي وإداري في آن واحد، إذ منحت اللجنة نفسها سلطات الفصل في النزاعات العقارية، بما يشكل اغتصاباً للسلطة القضائية خارج أي إطار شرعي.
٥. التوجيهات القيادية: فمصادر متطابقة تؤكد أن إنشاء اللجنة جاء بقرار سياسي مباشر من رأس السلطة الفعلية المؤقتة في الدولة (أحمد الشرع ).
٦. المسؤولية التركية: حيث ورغم محاولات تركيا إخفاء نفوذها عبر إخلاء مقراتها العسكرية وإظهار عفرين تحت إدارة محلية، إلا أن معيار القانون الدولي هو السيطرة الفعلية (Effective Control). وطبقاً لاجتهاد المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في قضية تاديتش (١٩٩٩)، فإن السيطرة العامة الفعلية تكفي لقيام المسؤولية الدولية. وبالتالي تبقى تركيا مسؤولة قانونياً عن هذه الممارسات بصفتها قوة احتلال.
ثانياً: في الإطار القانوني الوطني
١. الدستور السوري لعام ٢٠١٢:
المادة (١٥): "الملكية الخاصة مصونة ولا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل."
المادة (٣٣): "المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، دون تمييز."
٢. القانون المدني السوري (١٩٤٩):
المادة (٧٦٨): "لصاحب الشيء وحده… حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه."
المادة (٧٧٠): "لا يجوز حرمان المالك من ملكه إلا بموجب القانون وللمنفعة العامة."
وبالتالي فإن التعاميم الصادرة عن اللجنة المذكورة تعتبر منعدمة الأثر قانوناً، لصدورها عن جهة غير مخوّلة ومخالفتها للنظام العام.
ثالثاً: في الإطار القانوني الدولي
١. اتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩:
المادة (٤٩): تحظر النقل القسري أو إبعاد السكان من الأراضي المحتلة.
المادة (٥٣): تحظر تدمير أو مصادرة الممتلكات الخاصة إلا لضرورات عسكرية قاهرة.
٢. لوائح لاهاي لعام ١٩٠٧:
المادة (٤٦): الملكية الخاصة يجب أن تُحترم ولا يجوز مصادرتها.
٣. نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (١٩٩٨):
المادة (٧/١/د): الترحيل أو النقل القسري للسكان هي جريمة ضد الإنسانية.
المادة (٨/٢/ب/٨): الاستيلاء على الممتلكات على نحو واسع النطاق دون مبرر عسكري هي جريمة حرب.
المادة (٧/١/ح): الاضطهاد على أساس عرقي أو قومي هي جريمة ضد الإنسانية.
٤. ميثاق الأمم المتحدة:
المادة (١/٣): التزام الأمم المتحدة بتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
المادتان (٥٥، ٥٦): التزام الدول الأعضاء بالتعاون لتحقيق احترام عالمي لحقوق الإنسان.
وبما أن الجرائم الدولية لا تسقط بالتقادم وفقاً للقانون الدولي العرفي واتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لعام ١٩٦٨ فإن جميع هذه الانتهاكات تظل قابلة للملاحقة القضائية.
رابعاً: في التوصيف القانوني
إنشاء لجنة اقتصادية بسلطات قضائية مزعوم
هو اغتصاب للسلطة القضائية.
الاستيلاء على الممتلكات الخاصة دون سند قانوني هي جريمة حرب (المادة ٨ من نظام روما).
التهجير القسري ومنع العودة هي جريمة ضد الإنسانية (المادة ٧/١/د).
اقتصار الممارسات على الكورد هو اضطهاد وتمييز إثني يرقى لجريمة دولية (المادة ٧/١/ح).
خامساً: المسؤولية القانونية
١. المسؤولية الفردية: القادة الذين أنشأوا وأداروا اللجنة مسؤولون جنائياً بموجب مبدأ القيادة والسيطرة.
٢. المسؤولية الدولية: الدولة التركية بصفتها قوة احتلال، بموجب معيار "السيطرة الفعلية" المقر في اجتهاد تاديتش ومحكمة العدل الدولية (قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة، ١٩٨٦).
سادساً: في حقوق الملكية في مراحل ما بعد التغيير
جميع التعاميم الصادرة عن اللجنة تعد باطلة بحكم القانون الانتقالي.
يجب إلغاء آثارها ورد الحقوق لأصحابها، مع ضمان التعويض عن الأضرار.
وقد سبق تطبيق هذه القاعدة في حالات مماثلة:
قبرص (١٩٧٤): ألزمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بتعويض المالكين القبارصة عن الاستيلاء على ممتلكاتهم.
سابعاً: في المطالب
١. وقف أعمال اللجنة فوراً وإلغاء جميع تعاميمها (٥/ت – ٦ – ٧/ لعام ٢٠٢٥ وسواها).
٢. فتح تحقيق دولي مستقل عبر لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا.
٣. إدراج ملف عفرين ضمن تقارير مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية.
٤. فرض عقوبات دولية (بما في ذلك تجميد ومصادرة الأصول) على المسؤولين المباشرين والمتورطين.
٥. تحميل الدولة التركية كامل مسؤولياتها كقوة احتلال.
٦. ضمان العودة الآمنة للمهجرين الكورد واسترداد ممتلكاتهم.
٧. إطلاق مسار عدالة انتقالية يضمن استرداد الحقوق وإبطال الإجراءات الباطلة.
٨. التذكير بقرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥، الذي يؤكد بطلان أي ترتيبات مصطنعة أو مفروضة خارج إطار الشرعية الوطنية والدولية.
٩. دعوة الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى القيام بمسؤولياتهم المباشرة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وعدم الاكتفاء بالتقارير دون اتخاذ خطوات عملية.
ثامناً: الآثار الإنسانية
إلى جانب الطابع القانوني، ترتبت على هذه السياسات نتائج إنسانية كارثية، من بينها:
تشريد آلاف العائلات وحرمانها من المأوى.
تدمير سبل العيش عبر مصادرة الأراضي الزراعية وأشجار الزيتون.
حرمان الأطفال من التعليم نتيجة النزوح وفقدان الاستقرار.
تقويض النسيج الاجتماعي في المنطقة عبر سياسات التغيير الديموغرافي.
هذه الأبعاد الإنسانية تضاعف خطورة الانتهاكات وتجعلها تهديداً مباشرا للسلم والأمن الإقليميين والدوليين.
تاسعاً: الخاتمة
إن ما يجري في عفرين ليس نزاعاً عقارياً محلياً، بل سياسة ممنهجة ذات طابع استعماري تستهدف الكورد في حقهم بالملكية والسكن والوجود.
إن اتحاد المحامين الكورد، ومعه العديد من المنظمات الحقوقية والمدنية ، يؤكد أن هذه الانتهاكات الموثقة بالتعاميم الرسمية لن تمر دون مساءلة، وأننا سنواصل العمل على توثيقها وملاحقة مرتكبيها أمام الآليات الوطنية والدولية كافة، ضماناً لرد الحقوق وعدم الإفلات من العقاب.
وإن تجاهل هذه السياسات يكرّس سابقة خطيرة تشرعن التغيير الديموغرافي والنهب تحت غطاء إداري زائف، بما يهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين. 
 
المنظمات الحقوقية والمدنية الموقعة:
 
- اتحاد المحامين الكورد KLU.
- ⁠المرصد السوري لحقوق الإنسان.
- ⁠مركز ليكولين للدراسات والابحاث القانونية _ المانيا.
- ⁠منظمة حقوق الإنسان عفرين- سوريا.
- ⁠جمعية الشعوب المهددة بالانقراض (STP/GfbV).
- ⁠منظمة الجيوستراتيجي للمجتمع المدني الكوردي.
- ⁠جمعية المرأة الكوردية - النمساوية.
- ⁠المنظمة الألمانية للتنمية والسلام.

26.09.2025

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!