يُصادف اليوم، الخامس عشر من أيار/مايو، مناسبة ذات دلالة رمزية وثقافية ووطنية عميقة لدى الشعب الكردي، إذ تستعيد الذاكرة الجمعية لحظة مفصلية ف...
يُصادف اليوم، الخامس عشر من أيار/مايو، مناسبة ذات دلالة رمزية وثقافية ووطنية عميقة لدى الشعب الكردي، إذ تستعيد الذاكرة الجمعية لحظة مفصلية في مسار النهوض باللغة الكردية، وهي لحظة صدور العدد الأول من المجلة الأدبية الكردية "هاوار" في 15 أيار عام 1932، على يد الكاتب والمفكر الكردي جلادت بدرخان.
لم يكن ذلك التاريخ مجرد موعد لصدور مطبوعة، بل تحوّل إلى يومٍ تُستعاد فيه الهوية اللغوية الكردية بكل ما تحمله من رمزية ثقافية ونضالية، باعتبار اللغة ليست أداة تواصل فحسب، بل جوهر الانتماء، وعمق الذاكرة، وروح الوجود القومي لأي شعب.
لقد استمرت مجلة "هاوار" بالصدور حتى 15 آب/أغسطس 1943، بإجمالي 57 عدداً، حيث شقّت طريقاً جديداً للفكر والأدب الكرديين، وكرّست مكانة اللغة بوصفها أداة مقاومة ومعرفة وتدوين. وقد تم طباعة الأعداد الأولى بالحرفين العربي واللاتيني، ثم اعتمدت الحرف اللاتيني وحده بدءاً من العدد الرابع، مما شكّل انطلاقة حاسمة نحو تقعيد الكتابة الكردية وتحديث أدواتها.
وفي العقود الأخيرة، شهدت اللغة الكردية في شمال وشرق سوريا نهضةً ملموسة، خاصة بعد إدخالها في مناهج التعليم عبر المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية، وتأسيس العديد من الهيئات التي تُعنى بتطوير اللغة والمعاجم والمناهج، مما أتاح للغة الكردية أن تتجاوز دورها الرمزي لتتحول إلى أداة تعليمية ومعرفية راسخة في الحياة اليومية.
إن هذه المكاسب تمثل منطلقاً أساسياً للمطالبة بالاعتراف الرسمي باللغة الكردية كلغة من لغات الدولة، وخاصة في سوريا ما بعد النظام الشمولي، لأن الاعتراف باللغة هو اعتراف بالوجود، وهو مدخل طبيعي لبناء عقد اجتماعي عادل يعترف بالتعددية اللغوية والثقافية.
وبهذه المناسبة المجيدة، نُحيي بإجلالٍ عالٍ أولئك الذين حملوا اللغة الكردية في أشدّ اللحظات التاريخية ظلمة، وواجهوا عبرها محاولات الإنكار والإلغاء، ووضعوا اللبنات الأولى لمسيرةٍ لغويةٍ ما زالت حتى اليوم تشقّ طريقها بثقة وعزم.
إننا في منظمة الجيوستراتيجي للمجتمع المدني الكردي، نُجدد عهدنا على المضيّ قدماً في دعم اللغة الكردية، وحمايتها، وتطويرها، والتفاعل الأكاديمي البنّاء معها، بوصفها جوهر كينونتنا الثقافية ومفتاح مستقبلنا المشترك.
عاشت اللغة الكردية... عاشت هاوار... وعاشت حرية الشعوب.
10 أيار 2025
المجلس العام
لمنظمة الجيوستراتيجي للمجتمع المدني الكوردي
التعليقات